من خفايا "قل " و" فقل "
من عجائب التعبير القرآني قوله تعالى قل بعد الفعل " يسألونك" الذي ورد في القرآن الكريم خمس عشرة مرة وفي كل مرة كان الجواب يأتي بكلمة " قل" هكذا مثلاً " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ(البقرة 189) وقوله تعالى : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ" البقرة 219 وقوله تعالى : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ" البقرة 220 إلا في موضع واحد جاءت فيه كلمة " فقل" وهو قوله تعالى : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً" طه105
فهل جاءت هذه الفاء هنا دونما سبب؟ حاشا لله وحاشا لبيان القرآن الكريم وإعجازه
فما دلالة هذه الفاء ؟
قال العلماء إن المواضيع الأخرى قد سأل الناس عنها فعلاً، سألوا عن الأهلَّة والخمر والميسر واليتامى والمحيض والأنفال والروح فكان الجواب " قل" لهم جواب ما سألوه.
أما عن الجبال فهم لم يسألوا بعد. ولكن الله عز وجل يريد أن يعلمهم مصير هذه الجبال وإنها ستكون مجال أحداث كبرى يوم القيامة فجعل الله عز وجل هذه " الفاء " دليلاً على سؤال مقدر وإن ما ورد في وصف الجبال لم يقع بعد بل سيقع في المستقبل أما أذى المحيض والأهلة والأنفال وغيرها فقد وقع فعلاً فلا داعي لورود هذه الفاء عليه.
ثم لطيفة أخرى في قوله تعالى : " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ" وهنا حذف الله " قل" نفسها واكتفى بالفاء .
ودلالتها هنا الاستجابة الربانية السريعة لسؤال العبد ربه فالله عز وجل قريب لا يحتاج لعبد آخر أن يوصل له سؤال العبد، ولا جوابه عليه فهو قريب سريع الإجابة وإن في كلمة " قل" هنا دليل على العبد الذي لا يجوز مع رحمة الله عز وجل وقربه وإجابته لعباده السائلين المخبتين .